من يبحث عن أسواق المال والأعمال في إسطنبول، أو يرغب بالتسوق من مراكزها المتميزة والكثيرة، أو يتطلع للسياحة بمختلف أنواعها العادية والطبية والاستجمامية، فمن المؤكد أن عنوانه وبوصلته ستكون “مجيدية كوي”.
منطقة تشكل نقطة تقاطع حيوية بالمدينة التركية الزاخرة بعراقة تاريخها وموقعها الجغرافي والحضاري عالميا، والتي تعتبر مركزا دوليا في الأعمال، وسوقا لعالم المال، ومركزا للسياحة والتسوق مع امتزاج ذلك بالتاريخ العريق والحضارة والتطور التي تشهدها المدينة في كافة الميادين.
وتمثّل “مجيدية كوي” التابعة إداريا لبلدية شيشلي، مركزا لتجمع هام للمواصلات، ونقطة تلاقي حيوية تشهد حركة مرورية كبيرة، وزيارات مليونية يومية، للقادمين إليها بهدف العمل والتنزه، وتعتبر بنفس الوقت مفترق طرق حيوي لكثير من المناطق الأخرى المرتبطة بها.
ويمكن الوصول إلى المنطقة عبر خطوط المتروبوس والمترو، والحافلات والسيارات، وتشهد المنطقة يوميا حركة كبيرة جدا، نظرا لتشكيلها منطقة مركزية هامة جدا، كما أن الطريق المار إلى الجسر المعلق الأول على مضيق البوسفور، جسر شهدا 15 تموز/يوليو، يمر من هذه المنطقة.
“مجيدية كوي”.. تاريخ
اكتسبت المنطقة اسمها من السلطان العثماني عبد المجيد (1839-1861)، الذي سمح للمهاجرين القادمين من البلقان بالإقامة في هذه المنطقة، فسميت قرية عبد المجيد نسبة لأنه أمر بإسكان هؤلاء المهاجرين واللاجئين القادمين إلى إسطنبول التي اعتادت على استقبال الهجرات منذ قرون طويلة.
وبقيت الحال كذلك تحيط بها البساتين وكروم التوت، إلى أن زادت عملية الإسكان في المنطقة في العام 1950 وصولا إلى العام 1970، وتحول الاسم إلى مجيدية كوي، واتصلت المنطقة بالأحياء المجاورة من “لفنت” و”عثمان بي” و”شيشلي”.
وخلال هذه الفترة، بدأت تتحول المنطقة إلى مركز كبير للمال والأعمال، فاستضافت عددا من مراكز العمل التجارية، ومقرات الشركات التجارية الكبرى المحلية والدولية، فضلا عن مقرات المصارف، وانتهت المساحات الخضراء المحيطة بها، لتتصل ببقية الأحياء بشكل كامل.
وفي الوقت الحالي، يمكن ملاحظة انتشار عدد كبير من الشركات والمراكز والأبراج التجارية على جانبي طرقات المنطقة الرئيسية، مستفيدة من وقوعها بمنطقة هامة وعلى الطريق الدولي، وتشكيلها نقطة تلاقي هامة.
عالم المال والأعمال
موقع المنطقة وأهميته وقربه من مضيق البوسفور، استقطب أصحاب رؤوس الأموال أعمالهم سواء فيما يتعلق بأصحاب الشركات التركية، أو رجال الأعمال الأتراك والأجانب، فضلا عن تواجد كبريات الشركات العالمية في هذه المنطقة.
ومن القطاعات الهامة التي تتواجد في المنطقة، قطاع المصارف بشكل كبير، وأيضا شركات الطيران الدولية، وشركات الإنتاج الإعلامي، إضافة إلى أن المنطقة مركز هام لعالم التكنولوجيا والتطور الرقمي.
ولطالما شكلت منطقة مجيدية كوي وجهة للباحثين عن الحواسيب والمتعلقات بها، بسبب تمركز شركات المعلوماتية والبرمجة فيها، إضافة لانتشار بعثات دبلوماسية عديدة عربية وأجنبية، وشركات من مختلف القطاعات الأخرى.
كما أن الحي استضاف لعقود طويلة ستاد “علي ساميان” الشهير الذي كان يعود لنادي غلطة سراي التركي العريق، فكانت المنطقة تعتبر معقلا له، قبيل أن يتم هدم الملعب وبناء أبراج تجارية عديدة مكانها، وانتقال ملعب غلطة سراي قبل عدة سنوات لمنطقة قريبة منها.
وتشكل الأبراج التجارية العديدة مركز استقطاب هام للباحثين عن الاستثمار، كما تتواجد في المنطقة شركات طبية عديدة تعمل في مجال السياحة العلاجية من زراعة الشعر وتجميل الأسنان، فضلا عن توفر عدد من المشافي المتخصصة المتقدمة.
متعة التاريخ والتسوق
وعلى غرار جميع مناطق إسطنبول المتميزة بعراقتها، فإن الأحياء الخلفية لمنطقة مجيدية كوي تتميز بأزقتها الضيقة، ومساجدها القديمة المبنية على الطراز العثماني القديم، ويمكن استرجاع عبق الحي الذي يعود لأكثر من 150 عاما.
وتنتشر عدة أحياء بأزقتها الضيقة التي تستقطب الزائرين لها، للاطلاع على تاريخ المنطقة القديم، ومشاهدة الأزقة الضيقة المرصوفة بالأحجار.
كما أن الحي يعتبر نقطة تسوق مهمة وشهيرة جدا، وتنتشر فيه مراكز التسوق التي تجذب السائحين والزائرين من الخارج، كما تجذب الأتراك والمقيمين، نظرا لكبر هذه المراكز وتنوعها وشهرتها الكبيرة.
ويعد “مول جواهر” الواقع على محطة المترو وبقرب محطة المتروبوس، من أشهر وجهات التسوق والتنزه بإسطنبول، ويستقطب عددا كبيرا من الزائرين والسائحين يوميا، خاصة أنه يحظى باسمه وتصميمه وتنوعه، السائحين العرب بشكل كبير.
ويقع برج ترامب التجاري في المنطقة أيضا، ويعود للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفيه مركز تسوق يستضيف فعاليات ثقافية وموسيقية عديدة، ويستقطب زائرين وسائحين بشكل كبير، إضافة إلى مركز بروفيلو التجاري، وهي مراكز تشهد ازدحامات كبيرة في معظم أيام الأسبوع وخاصة في العطل.
وتتصل منطقة مجيدية كوي بمنطقتي “زنجرلي كويو” و”ليفنت”، وتنتشر في هذه المنطقة مراكز تسوق عديدة أخرى مثل كاليون، زورلو، وأوزدليك.
كما أن الحي يمتد من جانب آخر لمنطقة “عثمان بي” التي تعتبر من أهم أسواق الجملة وخاصة الملابس، حيث يقصدها السائحون والتجار العرب والأجانب بشكل كبير لابتياع حاجاتهم.
وتصل المنطقة إلى تقسيم وبشيكتاش؛ وهي مناطق حيوية هامة في إسطنبول، لتكون منطقة مجيدية كوي من أهم نقط التلاقي في إسطنبول، وبوصلة عدد كبير من أهلها، ويوميا يقصدها عدد كبير جدا من العاملين والسائحين للمنطقة.
المصدر: وكالة الأناضول