قرر صاحب رأس المال التوجه نحو الاستثمار الزراعي في تركيا لتوافر مقومات نجاح المشروع جميعها في تركيا، ثم انحاز إلى الاستثمار في زراعة الأشجار عوضاً عن المحاصيل الزراعية وذلك ليبعد نفسه عن فكرة زراعة المحصول وحصاده ثم إعادة زراعته بالعام الواحد مرة أو مرتين.
زراعة الجوز
تأتي مزايا زراعة الجوز أولاً من كونها تندرج من صنف الأشجار، وبالتالي لا تحتاج إلى أن تعاد زراعتها في كل عام مرة أو مرتين كما هو الحال بالنسبة للمحاصيل الموسمية.
يضاف إلى مزاياها، أن الطلب العالمي على الجوز يزداد عاماً بعد آخر، وأنها تستخدم ضمن العديد من الأطباق، كما أنها تؤكل كنوع من المكسرات مع مشروب الشاي.
علماً أن شجرة الجوز تنتج في العام الأول 4 كيلو وسطياً، وبعد 10 أعوام تقريباً تنتج 40 كيلو!
كما أن خشب الجوز يعتبر من الأخشاب المرتفعة الثمن والقوية والمتينة، بحيث يقاوم الانكماش، أما أشهر طرق استخدامه، ففي صناعة الأثاث المنزلي، وخزائن كل من الحائط والمطابخ، ويعتبر من افخم الاخشاب واجملها، بينما يستخدم بكثرة على شكل قشور.
لماذا زراعة الجوز في تركيا؟
يعود ذلك لحاجة السوق التركية إلى هذه الثمرة بشكل كبير، فأكل الجوز عند الأتراك كأكل التمر عند العرب، والأمر لا يقتصر على السوق التركية بل هنالك طلب عالمي متزايد على ثمرة الجوز.
وإذا جئنا إلى موقع تركيا، فإنها قريبة من السوق الآسيوي المتثمل بالدول العربية وإيران، والسوق الأوروبي عن طريق جورجيا ومقدونيا من جهة، وصربيا من جهة ثانية، وبلغاريا من جهة ثالثة، إضافة إلى وجود أربعة بحار فيها، وهم: إيجة والأسود والمتوسط ومرمرة.
مما يجعل زراعة الجوز في تركيا هي الأمر الأنسب للمستثمر.
وقف المستثمر حائراً بين الفواكه من جهة، والجوز من جهة أخرى، ليتساءل في نفسه:
لماذا زراعة الجوز في تركيا وليس الفواكه؟
يتميز الجوز عن الفواكه بأنه لا يضع أمام المستثمر شروط خاصة بعد حصاده، وإنما يرضى بأن يتم تخزينه بشكل طبيعي، وبأماكن صالحة للتخزين حتى يحافظ على جودته.
أما الفواكه فتجبر المستثمر على توفير برادات من أجل تخزينها أو تغليفها بالشمع، وذلك لكي تحافظ على جودتها ولا تتلف فتضرب له موسم حصاده.
كذلك تجبر الفواكه المستثمر على أن يبيعها في موسم حصادها ولا يؤجل ذلك، لكي لا تعاقبه إما بالتلف أو بدفع الأموال لأجل تخزينها أو تغليفها.
وإذا عدنا إلى الجوز، فإن المستثمر لن يقلق أو يخاف بعد الحصاد من أن يفسد الجوز قبل بيعه، فجودته لا تتأثر بتخزينه لعدة أشهر إضافةً لسهولة عملية التخزين، الأمر الذي يتيح للمستثمر البحث بهدوء عن السوق الأمثل والسعر الأفضل.
وبذلك استبعد المستثمر فكرة زراعة الفواكه في تركيا، ولكن عاد مجدداً للحيرة وهذه المرة بين الجوز وباقي أنواع المكسرات، ليخرج أمامه سؤال:
لماذا زراعة الجوز في تركيا وليس المكسرات الأخرى؟
يرجع السبب الأول في زراعة الجوز إلى حب الأتراك الكبير للجوز وتناولهم إياه بشراهة، متفوقاً على الفستق الحلبي واللوز والكاجو والبندق، بمعنى أنه مهما كثرت حقول الجوز في تركيا، فإن السوق التركية قادرة على استيعاب حصادها كله.
أما السبب الثاني فيرجع إلى حاجة السوق التركي الكبيرة للجوز، ما دفع تركيا لأن تستورد هذه الثمرة، ودفعها من ناحية أخرى إلى زيادة رقعة الاراضي المزروعة بالجوز.
أما إذا جئنا إلى المكسرات الأخرى، فمثلاً إن مدن الشمال التركي قد غرقت بثمرة البندق المزروعة في كل مدينة هناك.
الأمر مختلف تماماً بالنسبة للفستق الحلبي واللوز، اللذان تقتصر زراعتهما على مدن قليلة في تركيا، وذلك لعدم حاجة السوق التركية لكمية كبيرة منهما. بينما الكاجو لا يزرع في تركيا أساساً.
وحده الجوز الذي يجمع بين قلة الأماكن التي يزرع بها وكثرة الطلب عليه، وهو ما جعله الثمرة الوحيدة من المكسرات التي تستوردها تركيا، أما الفستق الحلبي واللوز فرغم محدودية أماكن زرعهما إلا أنهما -كما ذكرنا- يلبيان حاجة السوق.
جميع ما ذكر يؤدي إلى نتيجة وحيدة هي أن زراعة الجوز في تركيا أمر مربح حقاً.
بقلم: محمد الريس